الغترة، وهي قطعة القماش التي يرتديها الرجال على الرأس، تعتبر جزءًا أساسيًا من اللباس التقليدي في العديد من البلدان العربية. منذ العصور القديمة وحتى العصر الحالي، شهدت الغترة تحولات كبيرة من حيث التصميم والمادة والرمزية. كانت الغترة تمثل جزءًا من الهوية الثقافية والموروث الاجتماعي، وعبرت عن الوضع الاجتماعي والقبلي للمجتمع. لنتعرف في هذا المقال على أبرز التحولات التي شهدتها موضة الغترة على مر العصور.
1. الغترة في العصور القديمة
في العصور القديمة، كانت الغترة عبارة عن قطعة قماش بسيطة تصنع من أقمشة خفيفة أو من الشعر أو الصوف في بعض المناطق، وكانت تُستخدم بشكل أساسي للحماية من أشعة الشمس الحارقة في المناطق الصحراوية. لم تكن الغترة تقتصر على كونها مجرد زينة أو مظهر خارجي، بل كانت وسيلة عملية لحماية الرأس والرقبة من الحرارة والغبار.
في تلك الفترات، كانت الغترة تتميز بالبساطة، حيث يتم لفها بشكل غير معقد على الرأس باستخدام طرق بسيطة جدًا، كما كانت مرتبطة بالقبائل العربية باعتبارها علامة من علامات القوة والشرف، وكان يرتديها الرجال في حياتهم اليومية وكذلك في المعارك.
المزيد من المعلومات: شماغ
2. الغترة في العصور الإسلامية والوسيطية
مع ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي، استمرت الغترة في كونها جزءًا من الزي العربي التقليدي، لكنها اكتسبت بعدًا دينيًا وثقافيًا جديدًا. كان يتم ارتداء الغترة خلال الصلوات، حيث كان يعتبر ارتداؤها رمزًا للحشمة والوقار.
خلال العصر الإسلامي، أصبحت الغترة أكثر ارتباطًا بمفاهيم الطهارة والاحتشام، وبدأت تتزين ببعض الزخارف أو التفاصيل التي تعكس مكانة الرجل الاجتماعية. بدأت الغترة تأخذ طابعًا أكثر تنوعًا من حيث المواد والألوان، وتُستخدم مواد فاخرة في تصنيعها كالصوف والحرير في بعض الأحيان.
3. الغترة في العصور الحديثة (القرن 19 - بداية القرن 20)
في بداية العصر الحديث، ومع دخول العديد من الأساليب الغربية في المنطقة العربية، شهدت الغترة تغييرات في طريقة ارتدائها. بينما استمر ارتداء الغترة في الحياة اليومية للمجتمعات العربية، بدأت تظهر تغييرات في الألوان والأقمشة. أصبح بعض الرجال يفضلون الغترة المصنوعة من الأقمشة الخفيفة كالقطن أو الكتان، خاصة في المناطق الحارة.
كان الطراز التقليدي للغترة في تلك الفترة يختلف بين المناطق، حيث كانت بعض القبائل تفضل الغترة ذات الأطراف الواسعة بينما كانت قبائل أخرى ترتدي غترة ضيقة. كما كانت تستخدم الغترة بكثرة في المناسبات الرسمية والاحتفالات الاجتماعية، مما جعلها جزءًا من الزي الرسمي للرجال في معظم الدول العربية.
انقر هنا: غترة
4. التحولات في منتصف القرن 20 (الاستقلال والتحولات الثقافية)
مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين، وخصوصًا بعد نيل العديد من الدول العربية استقلالها، شهدت الغترة تحولات واضحة في أسلوب ارتدائها. في تلك الفترة، بدأت العديد من الشخصيات السياسية والقيادية في العالم العربي تتبنى ارتداء الغترة كرمز للهوية الوطنية والفخر القومي. ومع انتشار القومية العربية، أصبح ارتداء الغترة رمزًا للانتماء العربي، وتجاوزت دلالتها الجغرافيا لتصبح أكثر ارتباطًا بالوحدة الوطنية.
بدأت أيضًا تظهر تصميمات جديدة للغترة، مع استخدام الألوان المختلفة والأنماط المتنوعة. في بعض الأماكن، بدأ الرجال يرتدون الغترة بألوان تتناسب مع المناسبة، مثل اللون الأبيض في المناسبات الرسمية واللون الأحمر أو الأسود في الاحتفالات.
5. الغترة في العصر المعاصر (القرن 21)
في العصر الحالي، شهدت الغترة تغيرات ملحوظة، ليس فقط في أسلوب ارتدائها ولكن أيضًا في المواد والتصاميم. ففي الوقت الذي لا تزال فيه الغترة تُرتدى في العديد من الدول العربية وخاصة في دول الخليج، أصبح تصميمها أكثر تنوعًا، حيث يتم استخدام مواد صناعية وخفيفة مثل البوليستر جنبًا إلى جنب مع الأقمشة التقليدية مثل القطن والكتان.
تزايد أيضًا الاهتمام بالألوان والأشكال الحديثة، مع ظهور الغترة المزخرفة والنقوش الدقيقة التي تعكس الذوق الشخصي وتناسب المناسبات الخاصة. كما بدأ العديد من الشباب في بعض الدول العربية ارتداء الغترة بطريقة عصرية، حيث يتم ربطها بشكل مختلف أو تنسيقها مع ملابس عصرية، مما يعكس تحولًا في طريقة ارتداء الزي التقليدي في إطار الموضة العالمية.
أصبح من الشائع أن يُرتدى الشماغ أو الغترة بألوان وتصاميم متنوعة، وهناك أنواع منها تستخدم في المناسبات الخاصة مثل الأعراس والمناسبات الرسمية، كما يتم مزجها مع أزياء أخرى مثل البشوت والعباءات. الغترة الحديثة قد تُحاك بطريقة أكثر دقة واحترافية، مما يجعلها تظهر بمظهر عصري في حين تحتفظ بالرمزية التقليدية.
المصدر: اشمغه
6. الغترة كرمز للأناقة والهوية الثقافية
اليوم، تعد الغترة بمثابة تعبير عن الهوية الثقافية أكثر من كونها مجرد زي تقليدي. ارتداؤها يعكس الفخر بالتراث والتاريخ العربي، كما أصبحت رمزا للأناقة والفخامة، خصوصًا في دول الخليج والمناطق العربية الأخرى. وبتطور التصميمات، تبقى الغترة وسيلة من وسائل الحفاظ على الهوية الثقافية في ظل العولمة والموضة العالمية.
Comments on “تحولات موضة الغترة على مر العصور”